اشمعنا أنا يارب اللي مش بعرف أطير ؟؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الست أم حنفي ابنها ( داس عليه فيل ) و مات ,
قعدت في الجنازة تعيط   و تقطع في شعر اختها -اللي كانت بتتباهى بيه- و تقول :
اشمعنى ابني أنا يارب , ده كان أحسن ولادي و ......


أما عم فكري جت له ( أزمة في كعب الجزمة )  و بقى مش عارف يتحرك و لا يمشي ,
و بقى كل شوية بيقول :
يا رب انت خلقت الناس كلهم أصحاء
اشمعنى أنا اللي خليتني مش عارف أمشي و لا أتحرك  ؟؟


أما سمير أفندي الراجل ( المُسأَّف )   و المفكر الكبير ,
فكان كلما مشي في الشارع و رأى أعمى أو أخرس أو معوق أو مبتلى ,
قال فيه نفسه : اشمعنى دول اللي ربنا يخلقهم معوقين غير باقي الناس الأصحاء
و ..... الأمثلة كثيرة
طبعا فيه ناس هترفض - بالفطرة - التصرفات بتاعة أم حنفي و عم فكري و سمير أفندي
و فيه ناس هتفكر فيها من تحت لتحت كده و تقول لعقلها : هششش  حرام اللي انت بتفكر فيه ده
و ناس هتقول علناً : هو فين العدل و الحكمة في كده   ؟؟

مع إن المسألة سهلة إن شاء الله
و هديلك مثال توضيحي , افتح معايا كتاب الوزارة صــ53ـــ  :
افرض إن ربنا خلق الناس كلهم سواسية  ,
كلهم بيض و حلوين و أمامير   و طول بعرض بصحة  بفلوس بكل حاجة زي بعض ,
و عاشوا في تبات و نبات و سكنوا في منتجعات و فيلات
و بعدها ربنا أنعم على واحد منهم و اعطاه جناحين يطير بهما   ,
يقدر الباقيين يقولوا : إشمعنا هو بيعرف يطير و احنا لأ   ؟؟
هيكون الرد عليهم إن ده ( زيادة و فضل ) من ربنا على الراجل ده ,
طالما ( ما حدش أخد منكم ) حاجة يبقى ما تتظلموش ,
طيب لو ربنا ( أنعم و تفضل ) على الناس جميعا و أعطاهم كلهم أجنحة إلا واحد فقط ,
هل يحق للواحد ده إنه يقول : إشمعنا أنا يا رب اللي مش بعرف أطير  ؟؟
لأ برضو ,
لأن ربنا ما ظلموش و ( ما أخدش منه حاجة ) , إنما ( أعطى غيره ) تفضُلاً

نفس المبدأ ده بينطبق على أصحاب القصص الأخرى اللي ذكرناها في الأول ,
قال تعالى :
{ وَاللهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [النحل - 78]
" { أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا } ولا تقدرون على شيء " [تفسير السعدي]
" { لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا } تَمَّ الكلام , ثم ابتدأ فقال جل وعلا { وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ } " [تفسير البغوي]
يعني أصلا الطبيعي بتاع الناس كلها إننا خرجنا للدنيا لا نعلم شيئا و لا نقدر  على فعل شيء
و كل الحاجات اللي احنا فيها من سمع و بصر و أفئدة و أعضاء و .....
كل الحاجات دي نعم من الله و فضل و ( زيادة ) ,

زي الجناحات كده في المثال اللي ضربناه ,
لو ربنا ما أعطاش واحد الجناحات دي
أو أعطاها لواحد و بعدين أخدها منه ,
الشخص ده مالوش أن يعترض , لأنه واخد الجناحات دي زيادة أصلا,

فلما ربنا يبتلي واحد و ( ياخذ منه ) حاجة ,
هو في الحقيقة ( لم يأخذها منه ) لكنه جل و علا ( لم يُعطِها إياه ) أصلاً ,
لأن الإنسان لا يملكها من البداية ,
و الله غير ظالمٍ له إذا لم يعطها له من البداية ,
أو أعطاها له ثم أخذها منه ,
لأنها تفضلاً و زيادة ,
فلا يحق لهذا الذي لم يُعطهِ الله الزيادة أن يعترض  ,
كما في الحديث :
(( إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم ، كما بين صلاة العصر ومغرب الشمس ،
ومثلكم ومثل اليهود والنصارى ، كمثل رجل استعمل عمالا ،
فقال : من يعمل لي إلى نصف النهار على قيراط ،
فعملت اليهود ،
فقال : من يعمل لي من نصف النهار إلى العصر ،
فعملت النصارى ،
ثم أنتم تعملون من العصر إلى المغرب بقيراطين قيراطين ،
قالوا : نحن أكثر عملا وأقل عطاء ،
قال : هل ظلمتكم من حقكم ؟
قالوا : لا ،
قال : فذاك فضلي أوتيه من شئت))
[ الراوي: عبدالله بن عمر - المحدث: البخاري -
المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5021
خلاصة حكم المحدث: صحيح ]


آخر حاجة عاوزين نقولها هي تنبيه صغير :
فيه ناس بتقول : إن الله ( لا بد )  و أن يساوي بين عباده في العطايا

و كل واحد واخد الـ24 قيراط بتوعه لكن في صور مختلفة ,
اللي واخد أكثرها صحة , أو أكثرها سعادة  أو فلوس أو ... إلخ
لكن الكلام ده طلع ( خـــــــــطــــــــــأ ) ,


و الدليل من القرآن الكريم :

قال تعالى : { و الله فضل بعضكم على بعضٍ في الرزق } [ سورة النحل - آية 71 ] ـ
و قال تعالى : { نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا و رفعنا بعضهم فوق بعضٍ درجاتٍ ليتخذ بعضهم بعضاً سخريا } [ سورة الزخرف - آية 32 ] ـ

و الدليل من السنة النبوية :
ما جاء في الخبر عندما رأى أبونا آدم البشر كلهم في عالم الذَرِّ :
(( ورُفِع عليهم آدم ينظر إليهم ,
فرأى الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك ,
فقال : رب لولا سويت بين عبادك ؟؟
قال : إني أحببت أن أُشكَر ))
[الراوي: أبي بن كعب - المحدث: الألباني
المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 118
خلاصة حكم المحدث : حسن الإسناد موقوفا]

و كما هو مبين في هذه الفتوى

www.salafvoice.com/article.php?a=4868

و بعدين لو كان صحيحا كنا هنبقى بـ(نناقض)  نفسنا منين بنقول إننا مالناش أي حاجة و كل النعم اللي عندنا دي فضل و زيادة
و منين بنقول إننا ( لازم ) كلنا نكون ( متساويين في الزيادة ) دي و عندنا الـ 24 قيراط كاملين  ؟؟
كده بقينا زي اللي بيقول : ( طالما أنا ما أخدتش جناحات زيهم , يبقى أكيد هيديني حاجة تانية مكانها )
و هذا خطأ , فالله قسم بيننا الأرزاق بـ(العدل) و (الحكمة) و ليس بالتساوي ,
لأن العدل أنسب من المساواة ,
فلو وجدت أحدهم رزقه قليل فاعلم أن الله جعل رزقه كذلك لحكمة علمناها أو جهلناها.

و للمزيد عن الرضا بالقضاء بالشرع و بالعقل يُرجى قراءة الموضوع التالي
ليك اعتراض على قضاء ربنا ؟؟

و جزاكم الله خيرا

و لا تنسوا كاتب الموضوع الأصلي من دعوة صالحة بظهر الغيب
أن يُصلح الله له شأنه كله و يُدخله الجنة و يُجِرْه من النار و جميع المسلمين و المسلمات ..

>> حقوق النشر للجميع <<
لو رأيت أنه يستحق النشر
 بشرط عدم التحريف أو التغيير

و يا حبذا لو تذكر رابط المدونة

tazbee6.blogspot.com

أو تذكر أن الموضوع

" منقول من مدونة تظبيط "

ـ