زي ما فيه حاجات صح و حاجات غلط

فيه حاجات غلط ممكن تبقى صح

بس عاوزة شوية

تــظــبـــيــط

ــــــــــــــــــــــــــــ

قبل أن تقرأ المدونة

-- حقٌ على أصحاب الكؤوس أن يتناصحوا --

لا يُعــذَر المسلم في تخليه عن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حتـى وان كان مُقصراً في نفسه في بعض الأمور ,

بـل إن الإنسان عليه أن ينهى عن المنكر حتى وان كان هــو واقـع فيــه

فوقوعه في المنكر ذنب وعدم إنكاره على الآخرين ذنب آخر يُسأل عنه,
ولا شك ان على من ينصح أن يسعى جاهداً لتغيير ما بنفسه ليكون قدوةً ومثالاً يُحتذى به.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

24 April, 2010

خليك ( عبده ) ... تعيش مرتاح




سمير المستنير ,
( مُسأّف ) بدرجة (قُـلَّـه) أو (زير) ,

( بـتـاع ) من بتوع اليومين دول ,
و آية ... من آيات ( خيبة العقول )

دماغه قالت له : لازم و حتماً و لابد إنك تبقى ( حُر )

و علشان تبقى حر .. لازم ما تبقاش عبد ,

و بما أن (العبادة) هي (الطاعة)* ,

يبقى علشان تبقى (حر) ... (لا تُطِع) ربك ,

و فعلا عمل اللي دماغه قالت له عليه ,

و كانت النتيجة ...

.
.
.
.


فعلا , ما عاد يطيع أوامر ربه ,

لكنه نسي أنه ( أطاع ) ما أمرته به رأسه ,

فصار بـ(طاعته) لرأسه (عبداً) لها ....
.
.
.

أراد ألا (يعبد)=(يطيع) الله ,
فـ(أطاع)=(عَبَدَ) غيرَهُ من شيطانٍ أو نفسٍ أو هوى .


قال تعالى :

{ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا }
[الفرقان:43]

{ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ
وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ
وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ
وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً
فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلا تَذَكَّرُونَ }
[الجاثية:23].

-------------

من الآخر يعني ,
فإن المرء لا ينفك عن كونه طائعاً , إما لربه أو لغيره
يبقى الأحسن له إنه يبقى طائع وعابد لله عز و جل ,
و إلا ...
هيلاقي نفسه - من غير ما ياخد باله - بقى عبد برضو
لكن
عبد للشيطان , أو النفس , أو الهوى , أو المزاج , أو .... إلخ



و ما حدش يظن إن العبودية لله عز و جل إهانة ,
بل تشريفٌ لك أن تعبد و تطيع و تتبع ربَّ الوجود و سيدَ كلِّ شيء ,
فتصير باتباعك له قوياً , لا تَخْشَ أحداً غيره ,

ومما زادني شرفـاً و تِيــهًا *** وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك ياعبادي *** وأن صيّرت أحمد لي نبيـًا.


بل إن الله عز وجل قد شرَّف عباده بالعبودية ,


"( يقول الله تعالى عن شرف العبودية في حق الملائكة :
{ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ } [الأنبياء: 26]،
فلم يقل ملائكة، وإنما قال: { عِبَادٌ }، فوصفهم بالعبودية، ووصفهم بالكرم بعد العبودية،
فاستحقوا أن يكونوا من أهل الكرم بالعبودية، فقال: { بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ }.


وقال عن هذا الشرف، شرف العبودية في حق الأنبياء :
{ وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ }
[ص: 45]،
فلم يقل واذكر أنبياءنا أو اذكر رسلنا، وإنما قال: { وَاذْكُرْ عِبَادَنَا }.

وذكر هذا الشرف , شرف العبودية في حق رسولنا :
فوصفه بالعبودية في أربعة مواطن شريفة:

* الموطن الأول: عند الإسراء والمعراج، قال تعالى:
{ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا }
[الإسراء: 1]

* الموطن الثاني: عندما نزل القرآن عليه،
قال تبارك وتعالى: { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا }
[الفرقان: 1].

* الموطن الثالث: عند الوحي إليه،
قال تعالى: { فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى }
[النجم: 10].

* الموطن الرابع: عند قيامه بالدعوة،
قال تعالى: { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا }
[الجن: 19]. )"
[من كتاب:العبادة المفقودة مراقبة الله تعالى]



و ليست العبودية تقييدا و حَبْساً كما يقول أولئك ( البتوع )
بل تقييدٌ لك عن كل ما يعلم صانعك أنه مضرٌ بك ,

كما قال الرافعي رحمه الله :

" و الدينُ حريةُ القيدِ لا حريةَ الحرية ؛
فأنت بعد أن تقيد رذائلك وضَرَاوتك وشَرّك وحيوانيتك ,
أنت من بعد هذا حرٌ ما وسعتك الأرض والسماء والفكر؛
لأنك من بعد هذا مُكمِّلٌ للإنسانية، مستقيمٌ على طريقتها؛
ولكن هَبْ حمارًا تفلسف
وأراد أن يكون حرًّا بعقله الحماري ؛
أي: تقرير المذهب الفلسفي الحماريّ في الأدب،
فهذا إنما يبتغي إطلاق حريته،
أي : تسليط حماريته الكاملة على كل ما يتصل به من الوجود. "
[وحي القلم-الله أكبر]






....................

و لا تنسونا من صالح دعائكم بظهر الغيب :
أن يُصلح الله لنا شأننا كله ,
و يطهرنا من كل شر ,

و يوفقنا لما يحب و يرضى و سائر المسلمين و المسلمات


07 April, 2010

دررٌ و حكمٌ من ( انتحار ) ... للرافعي





السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,



أحببت أن أشارككم اليوم مقتطفاتٍ من حِكَم الرافعي ,


وجدتها في كتابه الفريد : وحي القلم ,

في سلسلة مقالاتٍ عَنْوَنَ لها بـ( انتحار )
ـ
يتكلم فيها على لسان الإمام الشعبي عن قصص أفرادٍ حاولوا الانتحار
إما لشدة الفقر ,

أو لوسواسٍ في العقل ,

أو للتعلق بامرأة ,

و غيرها ,

و يرد عليهم بلسانهم ,



بصراحة فقد وجدت في هذا المقالات درراً من حكمةِ و فصاحة و بلاغة شيخ الأدباء :

مصطفى صادق الرافعي - رحمه الله - ,


فأحببت أن أشارككم إياها ههنا ,


أرجو أن ينفعنا الله و إياكم بها ,



بسم الله نبدأ :



إذا لم يكن الإيمان بالله اطمئنانا في النفس على زلازلها وكوارثها، لم يكن إيمانا،
بل هو دعوى بالفكر أو اللسان لا يعدوهما،
كدعوى الجبان أنه بطل، حتى إذا فجأه الرَّوْعُ أحدث في ثيابه من الخوف.
ومن ثمَّ كان قتل المؤمن نفسه لبلاء أو مرض أو غيرهما كفراً بالله وتكذيبا لإيمانه،
وكان عمله هذا صورة أخرى من طيش الجبان الذي أحدث في ثيابه !


================



فإنه ما خذلك إلا وضعك نفسك بإزاء الله تعارضه أو تجاريه في قدرته، فيكلك إلى هذه النفس،
فتنتهي بك إلى العجز، وينتهي العجز بك إلى السخط ،
ومتى كنت عاجزا ساخطًا، محصورا في نفسك موكولا إلى قدرتك ،
كنت كالأسد الجائع في القفر، إذا ظن أن قوته تتناول خلق الفريسة ؛
فيدعو ذلك إلى نفسك اليأس والانزعاج والكآبة؛
وأمثالها من هذه المهلكات تقدح في قلبك الشك في الله،
وتثبت في روعك شر الحياة،
وتهدي إلى خاطرك حماقات العقل،
وتقرر عندك عجز الإرادة؛
فتنتهي من كل ذلك ميتا قد أزهقتك نفسك قبل أن تزهقها !
ولو كنت بدل إيمانك بنفسك قد آمنت بالله حق الإيمان، لسلطك الله على نفسك ولم يسلطها عليك؛
فإذا رَمَتْك المطامع بالحاجة التي لا تقدر عليها، رميتها من نفسك بالاستغناء الذي تقدر عليه؛
وإذا جاءتك الشهوات من ناحية الرغبة المقبلة، جئتها من ناحية الزهد المنصرف،
وإذا ساورتك كبرياء الدنيا أذللتها بكبرياء الآخرة.
وبهذا تنقلب الأحزان والآلام ضروبا من فرح الفوز والانتصار على النفس وشهواتها،
وكانت فنونا من الخذلان والهم، وتعود موضع فخر ومباهاة، وكانت أسباب خزي وانكسار،



================


وأنّ الزاهد المنقطع في عرعرة الجبل ينظر من صومعته إلى الدنيا،
ليس بأحكم ولا أبصر ممن ينظر من آلامه إلى الدنيا؟
يا بني: إن الزاهد يحسب أنه قد فر من الرذائل إلى فضائله،
ولكن فراره من مجاهدة الرذيلة هو في نفسه رذيلة لكل فضائله.
وماذا تكون العفة والأمانة والصدق والوفاء والبر والإحسان وغيرها، إذا كان فيمن انقطع في صحراء أو على رأس جبل؟
أيزعم أحدٌ أن الصدق فضيلة في إنسان ليس حوله إلا عشرة أحجار؟
وايم الله إن الخالي من مجاهدة الرذائل جميعًا، لهو الخالي من الفضائل جميعًا.



================


وأي شيء لا صبر عليه عند الرجل المؤمن الذي يعلم أن البلاء مالٌ , غير أنه لا يوضع في الكيس بل في الجسم؟


================



إن هذه الأرض تحمل الجبال فلا يشعر موضع منها بالجبل القائم عليه،
إذ كان تماسك الأرض كلها قد جعل لكل موضع منها قوة الجميع،
ولولا هذا لدك الجبل موضعه وغار به؛
وكذلك يحمل المؤمن مثل الجبال من البلاء على أعضائه لا ينكسر لها ولا يتهدم؛
إذ كانت قوة روحهِ قوة في كل موضع،
فالبلاء محمول على همة الروح لا على الجسم


================


فمن آمن بالله فكأنما قال له: "امتحنِّي!"
وكيف تراك إذا كنت بطلا من الأبطال مع قائد الجيش,
أما تفرض عليك شجاعتك أن تقول للقائد: "امتحني وارم بي حيث شئت!"
وإذا رمى بك فرجعت مثخنا بالجراح ونالك البتر والتشويه،
أتراها أوصافا لمصائبك, أم ثناء على شجاعتك؟



================



والإيمان الصحيح هو بشاشة الروح،
وإعطاء الله الرضى من القلب, ثقةً بوعده ورجاةً لما عنده،
ومن هذين يكون الاطمئنان،
وبالبشاشة والرضى والثقة والرجاء، يصبح الإيمان عقلا ثانيا مع العقل،
فإذا ابتلي المؤمن بما يذهب معه الصبر ويطيش له العقل،
وصار من أمره في مثل الجنون,
برز في هذه الحالة عقله الروحاني وتولى سياسة جسمه حتى يفيق العقل الأول.
ويجيء الخوف من عذاب الله ونقمته في الآخرة،
فيغمر به خوف النفس من الفقر أو المرض أوغيرهما فيقتل أقواهما الأضعف،
ويخرج الأعز منهما الأذل.



================


فالاطمئنان بالإيمان هو قتل الخوف الدنيوي بالتسليم والرضى،
أو تحويله عن معناهُ بِجَعْلِ البلاء ثوابا وحسنات،
أو تجريده من أوهامه باعتبار الحياة سائرة بكل ما فيها إلى الموت؛
وهو بهذا عقل روحاني له شأن عظيم في تصريف الدنيا،
يترك النفس راضية مرضية،
تقول لمصائبها وهي مطمئنة: نعم.
وتقول لشهواتها وهي مطمئنة: لا.
وما الإنسان في هذا الكون؟
وما خيره وشره؟
وما سخطه ورضاه؟
إن كل ذلك إلا كما ترى قبضة من التراب تتكبر وقد نسيت أنه سيأتي من يكنسها!



================



ليست المصيبة شيئا لولا تأذي النفس بها،
وإذا وقع التأويل في معاني النكبات أصبحت تعمل عمل الفضائل،
وتغيرت طبيعتها فيعود الفقر بابا من الزهد،
والمرض نوعا من الجهاد،
والخيبة طريقا من الصبر،
والحزن وجها من الرجاء، وهلم جرا.


================



فالعقل الروحاني الآتي من الإيمان، لا عمل له إلا أن ينشئ للنفس غريزة متصرفة في كل غرائزها،
تكمل شيئا وتنقص من شيء، وتوجه إلى ناحية وتصرف عن ناحية؛
وبهذه الغريزة تسمو الروح فتكون أكبر من مصائبها وأكبر من لذاتها جميعا.
وتلك الغريزة هي نفسها معنى الرضى بالقدر خيره وشره,
وهي تأتي بالتأويل لكل هموم الدنيا،
فتضع في النكبات معانٍ شريفة تنزع منها شرها وأذاها للنفس؛
وليست المصيبة شيئا لولا تأذي النفس بها،
وإذا وقع التأويل في معاني النكبات أصبحت تعمل عمل الفضائل،
وتغيرت طبيعتها فيعود الفقر بابا من الزهد،
والمرض نوعا من الجهاد،
والخيبة طريقا من الصبر،
والحزن وجها من الرجاء، وهلم جرا.
والنفس وحدها كنز عظيم، وفيها وحدها الفرح والابتهاج لا في غيرها،
وما لذات الدنيا إلا وسائل لإثارة هذا الفرح وهذا الابتهاج،
فإن وُجدا مع الفقر بطلت عزة المال وأصبح حجرا من الحجر؛
والبلبل يتغرد بحنجرته الصغيرة ما لا تغني فيه آلات التطريب كلها.
وفي النفس حياة ما حولها،
فإذا قويت هذه النفس أذلت الدنيا، وإذا ضعفت أذلتها الدنيا!.


================



وعزيمة الإيمان إذا هي قَوِيت حصرت البلاء في مقداره،
فإذا حصرته لم تزل تنقص من معانيه شيئا شيئا،
فإذا ضعفت هذه العزيمة جاء البلاء غامرًا متفشيا يجاوز مقداره بما يصحبه من الخوف والروع،
فلا تزال معانيه تزيد شيئا فشيئا بما فيه وبما ليس فيه.
وللإيمان ضوء في النفس ينير ما حولها فتراه على حقيقته الفانية وشيكا أن يزول؛
فإذا انطفأ هذا الضوء انطمست الأشياء،
فتتوهمها النفس أوهاما متباينة على أحوالها المختلفة؛
كما يرى الأعمى بوهمه،
لا عينه مع الأشياء تكون في طبيعتها،
ولا أشياؤه عند عينه تكون في حقيقتها.


================


" فإذا قمت إلى وضوئك ....

فأيقن في نفسك واعزم في خاطرك على أن في هذا الماء سرا روحانيا من أسرار الغيب والحياة ,

وأنّهُ رمزٌ للسماء عندك ،

وأنك إنما تتطهر به من ظلمات نفسك التي امتدت على أطرافك ؛

ثم سَمِّ الله تعالى مفيضا اسمه القادر الكريم على الماء وعلى نفسك معا ،

ثم تمثل أنك غسلت يديك مما فيهما ومما تتعاطاه بهما من أعمال الدنيا ،

وأنك آخذٌ فيهما من السماء لوجهك وأعضائك؛

وقرر عند نفسك أن الوضوء ليس شيئا إلا مسحة سماوية تسبغها على كل أطرافك، ليشعر بها جسمك وعقلك؛

وأنك بهذه المسحة السماوية تستقبل الله في صلاتك سماويا لا أرضيا ,

فإذا أنت استشعرت هذا وعملت عليه وصار عادةً لك ،

فإن الوضوء حينئذ ينزل من النفس منزلة الدواء،

كلما اغتممت أو تسخطت أو غشيك حزن أو عرض لك وسواس،

فما تتوضأ على تلك النية إلا غسلت الحياة وغسلت الساعة التي أنت فيها من الحياة ,

وترى الماء تحسبه هدوءا ليناً لِينَ الرضى ،

وإذا هو ينساب في شعورك وفي أحوالك جميعا . "



================


يقول الله في الحديث القدسي -عن الذي قتل نفسه- :
"بدرني عبدي بنفسه , فحرمت عليه الجنة"
أي بدرني وتألَّه فجعل نفسه إلهَ نفسه، فقبضها وتوفاها، فكان ظالمًا.
بدرني وتأله في آخر أنفاسه لحظة ينقلب إلي، فكان مع ظلمه مغرورًا أحمق!
بدرني وتأله حين ضاق, فهور نفسه في الموت من عجزه أن يمسكها في الحياة، فكان عاجزًا مع ظلمه وغروره وحمقه!
بدرني وتأله على جهله بسر الحياة وحكمتها، فلم يستح هذا المخلوق الظالم المغرور في حمقه وعجزه وجهله، ولم يستح أن يجيئني في صورة إله.
بدرني وتأله، فطبع نفسه طابعها الأبدي من غيٍّ وتمردٍ وسفاهة، وأرسلها إليّ مقتولة يردها علي.
بدرني وتأله كأنما يقول: إن له نصف الأمر ولي النصف: أنا أحييت وهو أمات!
بدرني عبدي بنفسه فحرمت عليه الجنة!



================


ومم يقتل الإنسان نفسه؟
أما أن الموت آت لا ريب فيه ولا مقصر لِحيٍّ عنه،
وهو الخيبة الكبرى تلقى على هذه الحياة؛
فما ضرر الخيبة الصغيرة في أمر من أمور الحياة؟




================




إن المرء لا يقتل نفسه من نجاحٍ بل من خيبة،
فإن كانت الخيبة من مال فهي الفقر أو الحاجة،
وإن كانت من عافية فهي المرض أو الاختلال،
وإن كانت من عزة فهي الذل أو البؤس،
وإن كانت مما سوى ذلك -كالنساء وغيرهن- فهي العجز عن الشهوة أو التخيل الفاسد،



================



وليس يَخِيب الإنسان إلا خيبة عقلٍ أو إرادة،
وإلا فالفقر و الحاجة و المرض و الاختلال و الذل و البؤس، و العجز عن الشهوة و فساد التخيل،
كل ذلك موجود في الناس، يحمله أهله راضين به صابرين عليه،
وهو الغبار النفسي لهذه الأرض على نفوس أهلها.
ويا عجبا! إن العميان هم بالطبيعة أكثر الناس ضحكا وابتسامًا وعبثًا وسخرية،
أفتريدون أن تخاطبكم الحياة بأفصح من ذلك؟



================



ليست الخيبة هي الشر،
بل الشر كله في العقل إذا تبلَّد فجَمُدَ على حالةٍ واحدة من الطمع الخائب،
أو في الإرادة إذا وهنت فبقيت متعلقة بما لم يوجد.
أفلا ترون أنه حين لا يبالي العقل ولا الإرادة لا يبقى للخيبة معنى ولا أثر في النفس،
ولا يخيب الإنسان حينئذ، بل تخيب الخيبة نفسها؟


لهذا يأبى الإسلام على أهله الترف العقلي والتخيل الفاسد،
ويشتد كل الشدة في أمر الإرادة، فلا يترخص في شيء يتعلق بها،
ولا يزال ينميها بأعمال يومية تشد منها لتكون رقيبة على العقل حارسة له،
فإن للعقل أمراضًا كثيرة يقيس فيها درجات من الطيش حتى يبلغ الجنون أحيانًا؛
فكانت الإرادة عقلا للعقل؛
هي لينه إذ تصلب،
وهي حركته إذا تبلد،
وهي حلمه إذ طاش،
وهي رضاه إذا سخط.


الإرادة شيء بين الروح والعقل فهي بين وجودين؛
ولهذا يكون بها الإنسان بين وجودين أيضا،
فيستطيع أن يعيش وهو في الدنيا كالمنفصل عنها،
إذ يكون في وجوده الأقوى وجود روحه، وأكبر همه نجاحه في هذا الوجود.
وهذا النجاح لا يأتي من المال، ولا تحققه العافية، ولا تيسره الشهوات، ولا يسنيه التخيل الفاسد؛ ولا يكون من متاع الغرور، ولا مما عمره خمسون سنة أو مائة سنة،
بل يأتي مما عمره الخلود ومما هو باق أبدًا في معانيه من الخير والحق والصلاح؛
فههنا يعين المرض بالصبر عليه مما لا تعين الصحة،
ويفيد الفقر بحقائقه ما لا تفيد الثروة؛
وهنا يكون العقل الإنساني عاملا أكثر مما هو متخيل،
وقانعا أكثر مما هو طامع؛
ههنا لا موضع لغلبة الشهوة، ولا كبرياء النفس، ولا حب الذات؛
وهذه الثلاث هي جالبة الشقاء على الإنسان حتى في أحوال السعادة,
وبدونها يكون الإنسان هانئا حتى في أحوال الشقاء.
بالإرادة المؤمنة القوية ينصرف ذكاء المؤمن إلى حقائق العالم وصلاح النفس بها،
وبغير هذه الإرادة ينصرف الذكاء إلى خيال الإنسان وفساد الإنسان.


================


وإذا انصرف الذكاء إلى حقائق الدنيا كان العقل سهلا مرنا مطواعا،
واستحال عليه أن يفهم فكرة قتل النفس أو يُقِرَّها،
فإن هذه الفكرة الخبيثة لا تستطرق إلى العقل إلا إذا تحجر وانحصر في غرض واحد قد خاب وخابت فيه الإرادة ففرغت الدنيا عنده.



================



ولو أن امرأ تم عزمه على قتل نفسه ثم صابر الدنيا أيامًا ... لانفسخ عزمه أو رَكَّ ؛
إذ يلين العقل في هذه المدة نوعا ما،
ويجعل الصبر بينه وبين المصيبة مسافة ما،
فتتغير حالة النفس هَوْناً ما؛


فالصبر كالتروح بالهواء على العقل الذي يكاد يختنق من احتباسه في معنى واحد مقفل من جوانبه ,
ومثل العقل في هذه الحال مثل القائم في إعصار لفه بالتراب لفاً وسد عليه منافذ الهواء،
وحبسه في هذا التراب الملتف حبس الحشرة في جوف القصبة؛
فهو على اليقين أنها حالة ساعة طارئة من الزمن لا حالة الزمن؛
وأن الهواء الذي جاء بهذا الهم هو الذي يذهب بهذا الهم.
وكما أن الأرض هي شيء غير هذا الإعصار الثائر منها،
فالحياة كذلك هي أمر آخر غير شقائها.



================


قوله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ} [الأحزاب: 21].


ففي رجاء الله واليوم الآخر يتسامى الإنسان فوق هذه الحياة الفانية،
فتمر همومها حوله ولا تصدمه،
إذ هي في الحقيقة تجري من تحته فكأنّ لا سلطان لها عليه،
وهذه الهموم تجد في مثل هذه النفس قوى بالغة تصرفها كيف شاءت،
فلا يجيء الهم قوة تستحق ضعفا،
بل قوة تمتحن قوة أخرى أو تثيرها لتكون عملا ظاهرا يقلده الناس وينتفعون منه بالأسوة الحسنة, والأسوة وحدها هي علم الحياة.
وقد ترى الفقير من الناس تحسبه مسكينا،
وهو في حقيقته أستاذ من أكبر الأساتيذ يلقي على الناس دروس نفسه القوية.


وفي رجاء الله واليوم الآخر يبطل أكبر أسباب الشر في الناس،
وهو نظر الإنسان لمن هو أحظى منه بفتنة الدنيا نظرا لا يبعث إلا الحقد والسخط،
فينظر المؤمن حينئذ إلى ما في الناس من الخبر والصلاح والإيمان والحق والفضيلة,
وهذه بطبيعتها لا تبعث إلا السرور والغبطة،
ومن جعلها في تفكيره أبطل أكثر الدنيا من تفكيره،
وبها تسقط الفروق بين الناس عاليهم ونازلهم،
كالرجل الفقير العالم إذا قدم على الغني العالم؛
جمع بينهما الاتفاق العقلي وسقط ما عداه.


وفي رجاء الله واليوم الآخر يعيش الإنسان عمره الطويل أو القصير كأنه في يوم يصبح منه غاديا على الحشر والحساب؛
فهو متصل بالخلود غير معنيٍّ إلا بأسبابه،
وبهذا تكون أمراضه وآلامه، ومصائبه ليست مكاره من الدنيا،
بل هي تلك المكاره التي حفت الجنة بها؛
ولا يضره الحرمان لأنه قريب الزوال،
ولا يغره المتاع لأنه قريب الزوال أيضا.


وفي رجاء الله واليوم الآخر يسود الإنسان على نفسه،
ومن كان سيد نفسه كان سيد ما حولها يصرفه بحكمه،
ومن كان عبد نفسه صرفه بحكمه كل ما حوله.



================



فهي قوله تعالى: { مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ }
[الفتح: 29].
إنَّ أكثر ما يضيق به الإنسان يكون من قِبَل من حوله ممن يعايشهم ويتصل بهم
لا من قبل نفسه،
فإذا قام اجتماع أمة على أنهم { رحماء بينهم }
تقررت العظمة النفسية للجميع على السواء؛
ومن كانوا كذلك لم يحقروا الفقير بفقره,
ولم يعظموا الغني لغناه،
وإنما يحقرون ويعظمون لصفات سامية أو حقيرة.
وبين هؤلاء يكون الفقير الصابر أعظم قدرا من الغني الشاكر،
وإعظام الناس لفضيلة الفقير هو الذي يجعل فقره عند نفسه شيئا ذا قيمة في الإنسانية.
ومتى تصححت آراء الجماعة في هذه المعاني المؤلمة للناس بطل ألمها واستحالت معانيها،
وصار لا يبلى معنى من معاني الحياة في إنسان إلا وضع إيمانه معنى جديدًا في مكانه،
وتصبح الفضيلة وحدها غاية النفس في الجميع،
وبذلك يصبر الفرد على مصائبه، لا بقوته وحده، ولكن بجميع القوى التي حوله.



================


إنََّ الإنسان ونفسه في هذه الحياة كالذي أعطي طفلا نزقا طياشا عارما متمردًا ليؤدبه ويُحْكم تربيته وتقويمه
فيثبت بذلك أنه أستاذ، فيعطَى أجر صبره وعمله،
ثم يضيق الأستاذ بالطفل ساعة فيقتله،
أكذلك التأديب والتربية؟


================


فإنما النكبة مذهب من مذاهب القدر في التعليم,
وقد يكون ابتداء المصيبة في رجل هو ابتداء الحكمة فيه لنفسه أو لغيره




================


وعَقْلُ الهَمِّ عقلٌ عظيم،
فلو قد أُريد استخراج علمٍ يعلمه الناس من اللذات والنعم؛
لكان من شرح هذا العلم من الحمير والبغال والدواب ما لا يكون مثله ولا قرابه في العقلاء، ولا تبلغه القوى الآدمية في أهلها؛
يبد أنه لو أريد علم من البؤس والألم والحاجة لما وجد شرحه إلا في الناس،
ثم لا يكون الخاص منه إلا في الخاصة منهم.




================



لعن الله هذا الاضطراب الذي يبتلى الخائف به.
إننا نحسبه اضطرابا وما هو إلا اختلاط الحقائق على النفس وذهاب بعضها في بعض،
وتضرب الشر في الخير والخير في الشر حتى لا يبين جنس من جنس،
ولا يعرف حد من حد، ولا تمتاز حقيقة من حقيقة.
وبهذا يكون الزمن على المُبتلَى كالماء الذي جَمُدَ لا يتحرك ولا يتساير.
فيلوح الشر وكأنه دائما لا يزال في أوله ينذر بالأهوال،
وقد يكون هوله انتهى أو يوشك.



================



وكنت أرى يأسي قد اعترى كل شيء، فامتد إلى آخر الكون وإلى آخر الزمن؛
فلما سكن ما بي إذا هو قد كان يأسُ يومٍ أو أيامٍ , في مكانٍ من الأمكنة ؛
أما ما وراء هذه الأيام وما خلف هذا المكان،
فذلك حكمهُ حكم الشمس التي تطلع وتغيب على الدنيا لإحيائها،
وحكم الماء الذي تهمي السماء به ليسقي الأرض وما عليها،
وحكم استمرار هذه الأجرام السماوية في مدارها ولا تمسكها ولا تزنها إلا قوة خالقها.
أين أثر الإنسان الدنيء الحقير في كل ذلك؟ وهل الحياة إلا بكل ذلك ؟
وما الذي في يد الإنسان العاجز من هذا النظام كله فيسوغ له أن يقول في حادثة من حوادثه إن الخير لا يبتدئ وإن الشر لا ينتهي ؟



================



تعتري المصائبُ هذا الإنسانَ لتمحو من نفسه الخسة والدناءة ،
وتكسر الشر والكبرياء ،
وتفثأ الحدة والطيش ؛
فلا يكون من حمقه إلا أن يزيد بها طيشا و حِدَّة، وكبرياء وشرًا، ودناءة وخسة،
فهذه هي مصيبة الإنسان لا تلك.
المصيبة هي ما ينشأ في الإنسان من المصيبة.



================



ما أشبه النكبة بالبيضة تحسب سجنا لما فيها وهي تحوطه وتربيه وتعينه على تمامه،
وليس عليه إلا الصبر إلى مدة، والرضى إلى غاية،
ثم تنقف البيضة فيخرج خلقا آخر.
وما المؤمن في دنياه إلا كالفرخ في بيضته،
عمله أن يتكون فيها،
وتمامه أن ينبثق شخصه الكامل فيخرج إلى عالمه الكامل.



================



إن مع كل مؤمن شيطانه يتربص به،
فلهذا ينبغي للمؤمن أن يكون في كل ساعة كالذي يشعر أنه لم يؤمن إلا منذ ساعة،
فهو أبدًا محترس متهيئ متجدد الحواس مرهفها يستقبل بها الدنيا جديدة على نفسه بين الفترة والفترة،
ومن هذا حكمة أن يؤذن المؤذن, وأن تقام الصلاة مرارًا في اليوم،
فكلما بدأ وقت قال المؤمن: الآن أبدأ إيماني أطهر ما كان وأقوى.



================



فإن الله -تعالى- قد يجعل ما يحبه هو فيما نكره نحن؛
وليس للأقدار لغة فتجري على ألفاظنا؛
وقد نسمي النازلة تنزل بنا خسارًا وهي ربح،
أو نقول مصيبة جاءت لتبديل الحياة،
ولا تكون إلا طريقة تيسرت لتبديل الفك



================



وكأين من حادثة لا تصيب امرأ في نفسه إلا لتقع بها الحرب بين هذه النفس وبين غرائزها،
فتكون أعمال الطبيعة المعادية أسبابا في أعمال العقل المنتصر



================



وكثير من هذا البلاء الذي يقضي على الإنسان، لا يكون إلا وسائل من القدر يرد بها الإنسانَ إلى عالم فكره الخاص به؛
فإن هذه الدنيا عالمٌ واحد لكل من فيها،
ولكن دائرة الفكر والنفس هي لصاحبها عالمه وحده.
والسعيد من قَرَّ في عالمه هذا واستطاع أن يحكم فيه كالملك في مملكته،
نافذ الأمر في صغيرتها وكبيرتها؛
والشقي من لا يزال ضائعا بين عوالم الناس،
ينظر إلى هذا الغني، وإلى ذاك المجدود وإلى ذلك الموفق؛
وهو في كل هذا كالأجنبي في غير بلده وغير قومه وغير أهله،
إذا كل شيء يصبح أجنبيا عن الإنسان ما دام هو أجنبيا عن نفسه.



================



وما قط تمكن إنسان من نفسه و أحاط بها و نفذ فيها تصرفه؛
إلا كان راضيا عن كل شيء إذ يتصل من كل شيء بجهته السامية لا غيرها،
حتى في اتصاله بأعدائه من الناس وأعدائه من الأشياء؛
فما يرى هؤلاء ولا هؤلاء إلا امتحانا لفضائله وإثباتها لها.
وقد يكن عدوك في بعض الأمور عينا لك في رؤية نفسك؛
ففيه بركة هذه الحاسة ونعمتها.



================



ولو نحن كنا مسلمين إسلام نبينا صلى الله عليه وسلم،
وإسلام المقتدين به من أصحابه,
لأدركنا سر الكمال الإنساني،
وهو أن يقر الإنسان في عالم نفسه ويجعل باطنه كباطن كل شيء إلهي،
ليس فيه إلا قانونه الواحد المستمر به إلى جهة الكمال،
المرتفع به من أجل كماله عن دوافع غيره؛
فنظر الإنسان إلى نقص غيره هو أول نقصه.
والمؤمن كالغصن؛ إن أثمر فتلك ثمار نفسه،
وإن عطل لم يشحذ ولم يحسد واستمر يعمل بقانونه.



================



إن الكمال في هذه الحياة مجموع نقائص،
وأن للجمال وجهين:
أحدهما الذي اسمه القبح ؛ لا يعرف هذا إلا من هذا؛
وأن البصلة لو أدركت ما يريد الناس من معناها ومعنى التفاحة لسمت نفسها هي التفاحة،
وقالت عن هذه أنها هي البصلة !



================



وإنما وجه الإنسان في قطوبه أو تهلله هو وجهه ووجه دنياه تعبس أو تبتسم .



================



وانحصرت نفسي فيها،
فرجعت معها أشد غباوة من الجاهل ينظر إلى مد بصره من الأفق فيحكم أن ههنا نهاية العالم،
وما ههنا إلا آخر بصره وأول جهله.
وانفلت مني زمام روحي، وانكسر ميزان إرادتي، واختل استواء فكري،
فأصبحت إنسانا من النقائض المتعادية أجمع اليقين والشك فيه،
والحب والبغض له، والأمل والخيبة منه، والرغبة والعزوف عنها،
وفي أقل من هذا يخطف العقل، ويتدله من يتدله.



================



"ليس الكمال من الدنيا ولا في طبيعتها،
ولا هو شيء يُدرك،
ولكن من عظمة الكمال أن استمرار العمل له هو إدراكه".



================



ولكن بلاء الإنسان إنه حين يطوحه البؤس والشقاء وراء الإنسانية،
لا ينظر لغير الناس، فيزيده ذلك بؤسا وحسرة،
ويمحق في نفسه ما بقي من الصبر, ويقلب رضاه غيظا، وقناعته سخطا،
ويبتليه كل ذلك بالفكرة المهلكة أعجزها أن تهلك أحدًا فلا تجد من تدمره غير صاحبها؛
فإذا هي وجدت مساغا إلى الناس فأهلكت وعاثت وأفسدت،
فجعلت صاحبها إما لصا أو قاتلا أو مجرما، أي ذلك تيسر!


================


وفي الأرض كفاية كل ما عليها ومن عليها ، ولكن بطريقتها هي لا بطريقة الناس؛
وما دامت هذه الدنيا قائمة على التغيير والتبديل وتحول شيء إلى شيء،
فهذا الظبي الذي يأكله الأسد لا تعرف الأرض أنه قد أُكل ولا أنه اُفترس ومُزق،
بل هو عندها قد تحول قوةً في شيء آخر ومضى؛
أما عند الناس فذلك خطب طويل في حكاية أوهام من الخوف والوجل،
كما لو اخترعت قصة خرافية تحكيها عن أسد قد زرع لحما,
فتعهده فأنبته فحصده فأكله،
فذهب الزرع يحتج على آكله،
وجعل يشكو ويقول: ليس لهذا زرعتني أنت،
وليس لهذا خرجت أنا تحت الشمس،
وليس من أجل هذا طلعت الشمس علي وعليك!
والإنسان يرى بعينيه هذا التغيير واقعا في الإنسانية عامتها وفي الأشياء جميعها؛
فإذا وقع فيه هو ضج وسخط ،
كأن له حقا ليس لأحد غيره،
وهذا هو العجيب في قصة بني آدم،
فلا يزال فيها على الأرض كلمات من الجنة لا تقال هنا ولا تفهم هنا ؛
بل محل الاعتراض بها حين يكون الإنسان خالدًا لا يقع فيه التغيير والتبدليل.
ومن هذا كان خيال اللذة في الأرض هو دائما باعث الحماقة الإنسانية.



==============



هذا ما تيسر جمعه مما كتب الرافعي في مقالاته : انتحار ,
و في المقالات نفسها فائدةً أكبر لمن أراد الاستزادة ,
لكن اقتصرنا على ما جمعنا خوفا من الإطالة ,


و من أحب أن يقرأ المقالات كاملةً - و أنا أنصح بذلك - فليقرأ الكتاب :




و جزاكم الله خيرا على القراءة ,
و لو رأيت الموضوع مفيدا فأرجو أن تنشره ,
و أن تدعو لصاحبه بالخير
في أمان الله




......



حقوق النشر للجميع


ـ
و لا تنسوا
كاتب الموضوع من دعوة صالحة بظهر الغيب

أن يُصلح الله له شأنه كله و يُدخله الجنة و يُجِرْه من النار و جميع المسلمين و المسلمات ..

>> حقوق النشر للجميع <<
لو رأيت أنه يستحق النشر
بشرط عدم التحريف أو التغيير
و يا حبذا لو تذكر رابط المدونة

tazbee6.blogspot.com


أو تذكر أن الموضوع

" منقول من مدونة تظبيط "

ـ