بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,
طبعا بما إننا في مصر ( أم الدنيا ) فأكيد كلنا شفنا الزبالة اللي ( مالية الدنيا )
و غالبا بنشوف عند الزبالة كلاب و قطط ( بتسترزق ) و تحاول تلاقي أي حاجة تاكلها ,
لكن السؤال هو :
هل لاحظت كلبا أو قطة بياكل و ( نِفسه مكسورة ) لأنه حاسس إنه متشرد و مالوش بيت ,
أو لأنه بياكل من زبالة الناس ؟؟
طب سيبك من الزبالة ,
عمرك شفت حمار جاله اكتئاب من الشغل اللي بيشتغله ؟؟
كل يوم من الغيط -المزرعة يعني - للبيت ,
يحطوا عليه حاجات و يشيلوا من عليه حاجات ,
و هو راضي , مش بيحس بالملل من التكرار , و لا بيشعر باكتئاب !!
و لو سألت نفسك ليه ؟؟؟
هتكون الإجابة بديهية :
لأنهم حيوانات , و الحيوانات مش بتفكر ...
أما بخصوص البشر
فأنا أعرف شخصاً دخل مصحة نفسية ,
فكان يشعر بالضيق و الحبس و ... غيرها من المشاعر السيئة ,
بينما كان هناك الكثير ممن حوله - من ذوي الحلالات المتأخرة - لا يشعرون بشيء
بل يتسكعون في الممرات و يغنون و ينامون مطمئنين لا يشعرون بما هم فيه ,
فكأن عقله و تفكيره كان سبب شقائه دونهم ,
كما قال الرافعي شيخ الأدباءِ و حكيمهم :
" إن الألم هو فهم الألمِ لا غير " [وحي القلم - بين خروفين]
و عن هذا المعنى يتحدث ماليء الدنيا و شاغل الناس - المتنبي - فقال :
ذو العقل يشقى في النعيم بعقلهِ *** و أخو الجهالةِ في الشقاوةِ ينعم
يعني ساعات الواحد بيبقى في نعيم و حياة حلوة رغيدة ,
و يقعد يفكر كتير و يتوقع الأسوأ و يخاف من الستقبل و يوجع دماغه بحاجات مالوش دعوة بيها.....
فيجعلُ عقلُهُ نعيمَهُ شقاءاً
كما في وحي القلم للرافعي :
" والسعادة في جملتها وتفصيلها
أن يكون لك فكرٌ غير مقيد بمعنى تتألم منه،
ولا بمعنى تخاف منه،
ولا بمعنى تحذر منه؛
والشقاء في تفصيله وجملته هو انحباس الفكر في معاني الألم والخوف والاضطراب . "
[وحي القلم - دموع من رسائل الطائشة]
و على النقيض , تجد أحدهم في محنة - كأولئك الناس في المصحة - ,
لكنهم لا يفكرون فيما هم فيه ,
فـ( لا يشعرون ) بالشقاء الذي هم فيه , فيعيشون و كأنهم في نعيم
طيب نعمل إيه يعني ؟؟
( نشد فيشة عقلنا ) و نعيش من غير عقل علشان نبقى سعداء ؟؟
طبعا لأ ,
لأن العقل مش حاجة وحشة ,
بل على العكس ,
فقد ذم الله - عز و جل - من لم يُعمِل عقله , فقال :
{ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ
لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا
أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } [الأعراف : 179]
- و هذه الآية تبين ان العقل في القلب , بينما الذي في الدماغ هو المخ , و هذا ليس موضوعنا -
كده تبقى العملية اتعقدت !!!
العقل بيخلي الإنسان تعيس لما يفكر ( كتير ) ,
و ما ينفعش ما يفكرش خالص لأنه سيكون مذموماً من الله عز و جل ,
طب يعمل إيه ؟؟؟
طبعا مش هيعمل عمل , و لا هيعمل حواجبه ,
إنما هيشغل عقله ( بطريقة مناسبة )
انت لو عندك عربية - سيارة - و سبتها من غير ما تشغلها , هتفضل جديدة و مش هتبوظ ,
و لو شغلتها على أعلى قدرة , على الفاضية و المليانة , يبقى هتهلكها معاك ,
إنما لو شغلتها عند قدرة مناسبة , و سرعة مناسبة , و مشيت بيها في الطُرق المناسبة
يبقى انت تقدمت و ما فضلتش في الصفر , و في نفس الوقت ما بوظتش العربية و تعبتها .
هي دي النظرية :
فكّر
لكن مش بعمق , و من غير شطحات ,
لأن التفكير بعمق بيدخل الواحد في طرق ليست من شأنه ,
التفكير بعمق بيخلي الواحد يفكر في المستقبل و يخاف منه ,
و يفكر ليه ربنا خلقنا علشان نعبده ؟؟
و لماذا فلان فقير ؟؟ و فلان معوق و فلان غني ,
و إزاي أصلح الكون كله و أبحث عن المثالية و مدينة أفلاطون ,
و... غيرها ,
و مثل هذا التفكير و هذه الأسئلة لن يجد لها جوابا ,
لأنها ليست من شأنه
- للاستزادة : ليك اعتراض على قضاء ربنا ؟؟-
بل هي من إرادة الله التي جعلها لحكمةٍ , سواء أخبرنا بها أم لا ,
و أنك لن تغير الكون , و أن العالم لن يكون مثاليا ابداً ,
و أن هناك أشياء ستموت و لن تعرف الحكمة من ورائها ,
فعيش , و فكر , و تأمل ,
لكن في الحاجات المسموح بها فقط ,
و غير كده لا ,
فكما قال أحدهم :
إن التأمل في الحياة يزيد أوجاع الحياة
و نختم بكلامٍ للرافعي - بتصرف - :
" وا أسفاه، هذه هي الحقيقة ,
إن دقة الفهم للحياة تفسدها على صاحبها
وإن العقل الصغير في فهمه للحياة هو العقل الكامل في التذاذه بها ,
وا أسفاه، هذه هي الحقيقة! " [وحي القلم - في الربيع الأزرق]
ـ
و كل عام أنتم بخير
و لا تنسوا الدعاء لي بالخير و الصلاح بالله عليكم
في أمان الله
ـ
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
ReplyDeleteلا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه ويقول : يا ليتني مكان صاحب هذا القبر ، وليس به الدين إلا البلاء
رواه مسلم
صوت المدامع :
ReplyDeleteللأسف الكتابة بالعامية قد لا تكون مفهومة لغير المصريين ,
لكني أحاول أن أخلط الموضوع بفقرات بالفصحى كمحاولة للتخفيف من هذه المشكلة ,
و بالنسبة لموضوع العقل في القلب أم في الدماغ فمن الأفضل أن أُحيلكِ على مصادر موثوقة ,
و ستجدين كلام العلامة ابن العثيمين بهذا الشأن في هذه الروابط:
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=113066
و هذا الرابط في آخر 7 أسطر
http://www.ibnothaimeen.com/all/books/article_17767.shtml
في أمان الله
هممممممم .. متفقه معاك في كلامك
ReplyDeleteبس أحياناً كتير التعمق هو اللي بياخد تفكير الإنسان بطريقه ميقدرش يوقفها .. فـ يفضل يشتغل نفسه لحد ما تشتغل لوحدها !!
يعني منقدرش نبطل نفكر .. ومنقدرش ناخد المواضيع من زاويه واحده .. ومنقدرش نقول انا قفلت ع الموضوع ده وتكون فعلاً قفلت عليه ..
أحيانا التعمق بيكون ليه فوايد .. مش شرط يدخل مصحه ولا غيرها ..
بس المشكله ف استغلال الإنسان واستنتاجه لطريقة تفكيره .. واللي غالباً بتوديه ف داهيه !!
مدونه جميله جدا .. وعجبتني التدوينه دي ..
وكل عام وحضرتك بخير يافندم .. :)
حَـبآيـۃْ.بـטּـدۉڷ
ReplyDeleteو دي حاجة حلوة لما الإنسان يقعد يفكر و ما يقدرش يفكر غير لما يوصل للفهم و الحل و الحقيقة
و دي حاجة مش مذمومة ,
إنما المذموم أن يتعمق العقل فيما ليس من اختصاصه كمسائل الاعتقاد و القدر و غيرها ,
و جزاكم الله خيرا
عندي استفسار بسيط
ReplyDeleteليه كتاباتك دي متتحولش لكتاب مخطوط يقرؤه كل الناس لتعم الفائدة على الجميع
انا كل ما ادخل المدونة باتعلم حاجة جديدة
اهلا بعودتك واتمنى متغيبش كتير عننا :)
سمو الأمير :
ReplyDeleteتصدق يا أحمد إني أول ما قرات التعليق بتاعك قعدت أضحك كتيييييير و بصوت عالي كمان :)
أصلك مش عارف حاجة يا أبوحميد ,
ادع الله لنا بالتوفيق و الهداية و الخير يا أحمد
و كل عام أنت بخير
كل لحظة وأنت
ReplyDeleteبألف ألف الف
خيرررررر ياتيمى
يقال والعهدة
ReplyDeleteعلى من نقل المقولة
ان من أواخر كـلام
سيدنا عمرو أبن العاص
لولده عبد الله
(يابنى استراح من لا عقل له!)
فهل تراها مقولة صحيحة؟ولكن كيف
والله قد فضل الأنسان به؟!
كما قلت كثرة التفكير لا تفيد
الأعتدال افيد
و حضرتك طيبة يا دكتورة نور ,
ReplyDeleteو كل عام أنتم بخير
ومرة تانية
ReplyDeleteحمداً لله على السلامة
ودعواتى لك بالتوفيق
والنجاح والصبر على ما تكابد
فى عملك
(ربنا يقويك ياتيمى يارب)
و بالنسبة لمقولة استراح من لا عقل له , إنما هي من أقوال العرب :
ReplyDeletehttp://www.saaid.net/aldawah/175.htm
http://www.taghrib.org/arabic/nashat/esdarat/kotob/arabic/books/resalatalislam/11/43/06.htm
و دي متهيأ لي لا تتعارض مع تكريم الله للإنسان
لأن العقل نعمة إن استخدمه صاحبه فيما يصلح , و يكون نقمة إن شغل به نفسه فيما ليس من شأنه , و مالا يد له فيه ,
زي ما حضرتك قلتي : الاعتدال .
و كل سنة و حضرتك طيبة ,
و جزاكم الله خيرا على الدعاء ,
و ياريت يتكرر في رمضان إن شاء الله :)
الأخ الفاضل :: TIMMY ::
ReplyDeleteرمضان مبارك ..
علينا وعليكم ..
سائلا الله لك .. الخير والقبول ..
ــــــــــــــــ
ثم
جميل ورائعٌ جدًّا ما كتبت ..
وسبحان الله هذي من الأشياء العجيبة ..
الألم هو فهم ما يعني الألم ..
تدوينة جميلة ..
ودعوة جادة لأن نعيد النظر إلى الدنيا بطريقة أخرى ..
دمت بمودة
إيه ياعم تيممى الفلسفة الجامده دى ده أنا ماقريتش عندك من أيام تأكيد الكلمه واكتابة الشخابيط المعوجة اللى ماكنش عارفين نشيلها ازاى من فرط جهلنا نحن قوم البىبى سى
ReplyDeleteborn before computers
أما اليوم فقد تنورنا كثيرا وسافرنا بلاد الفرنجه وعدنا منتشين بعد ان بلغ بنا الضيق والخنقة مبلغا لا يوصف ..سعدت بتحليلك للسعاده ...وتعالى عندى فى دكانى أعلمك كيف تأخذ دوشا يجلب لك السعاده ..إنه الدوش المغناطيسى الذى يعمل العجب ..تعالى واقرأ ايها التيممى الهمام وبطل تبص بالشقلوب للدنيا
محمد سعد القويري:
ReplyDeleteرمضان مبارك إن شاء الله
و كل عام أنت بخير
و فعلا الالو لا يكون ألما لولا تأذينا منه
جزاك الله خيرا أخي محمد
ماكس بتاع زمان
ReplyDeleteأهلا و سهلا بيك يا باشمهندس
فينك من زمان ؟؟
و حلوة حكاية البي بي سي ده :)
أما بالنسبة للسعادة في دكانك , فلا أظنها تجدي معي , قد تجدي مع غيري و ليس معي
فقد كون جسدي أجسام مضادة لها
ربنا يسهل و يهدينا و يوفقنا لما يحب و يرضى