السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ,
أحياناً كتيرة بنشوف حاجات حولينا تخلي عقلنا يفكر كتير و يقول :
ليه كده يا رب ؟؟
ليه يارب طفل صغير ماعملش ذنب يمرض و يتعذب في المرض أو يموت كمان ؟؟
ليه يارب واحد متدين و محترم و تلاقيه فقير و على قد حاله ؟؟
ليه يارب إنسان متكبر و أخلاقه سيئة و تديله فلوس و نعم كثيرة ؟؟
ليه يارب تعطي الكفار قوة و تخليهم يبهدلوا المسلمين و يذلوهم ؟؟
ليه يارب تخلق ناس معوقين و انت قادر تخلقهم سلام ؟؟
ليه و ليه و ليه ؟؟؟؟
أسئلة كتيرة زي دي ساعات بنسألها لنفسنا ,
أو بتدور في عقلنا و ما بنقدرش نصرح بيها ,
مع إن الإجابة عليها سهلة جدا ,
و ممكن نرد على الأسئلة دي من جانبين :
جانب شرعي ... و جانب عقلي
الجانب الشرعي :
إن ربنا مثلا بيسلط المرض على الطفل علشان يبتلي أبوه و أمه ,
أو يموت الطفل نفسه علشان يدخله الجنة و يعافيه من مشقة الدنيا ,
مش بيعطي المتدين فلوس علشان يبتليه و يزود حسناته ,
أو لعلم الله أنه لو اغتنى لَفَجَر !!
يعطي الغني المتكبر علشان يبتليه أو يزود عذابه و يقيم عليه الحجه ,
فإن الله لَيُمْلِي للظالم حتى إذا أخذه لم يُفلته .
بيخلق المعاق علشان يبتليه و يدخله الجنة ,
لأن أهل العافية يوم القيامة لما يشوفوا جزاء أهل الابتلاء ,
يودوا لو أن جلودهم قد قرضت بالمقاريض في الدنيا
و ....... حاجات كتيرة جدا
- و هناك تفسيرات شرعية كثيرة لكن في موضوعنا هذا أحببت أن أركز على التفسير العقلي التالي أكثر - ,
و لو كنت مش لاقي تفسير يشفي صدرك شرعياً ,
فاتجه للجانب الآخر و هو :
الجانب العقلي :
لما عقلك يقول لك :
كان أحسن إن ربنا يعطي المتدين , و يُفقر المتكبر , و لا يُمرض الصغير , و لا يخلق أحدا معاقاً و .....
فاسأل نفسك : انت عرفت منين إنه كان أحسن إن ربنا يعطي المتدين , و يُفقر المتكبر و .... إلخ ؟؟
- هتلاقي نفسيك بترد و تقول : فكرت و توصلت لكده !!
- اسأل نفسك : إنتي فكرتي و وصلتي لكده بإيه ؟؟
- هتقول لك : فكرت بعقلي و شفت إن الأحسن إن ربنا ما كانش يعمل كده ,
و كان الأفضل إنه يعمل حاجة تانية ... العقل بيقول كده
- اسأل نفسك : مين الي اعطاكِ العقل اللي توصلتي بيه لكده ؟؟
- نفسك هتقول : الله طبعاً !!
- قول لها بقى : يعني ربنا أعطاك عقل كامل يدرك الصواب ,
و هو سبحانه لم يدرك هذا الصواب و لم يفعله ؟؟
>> أفيَهَبُ لك العقل الكامل ,
و يفوِّت هو الكمال ؟؟ <<
...........................................................
.....................................
....................
......
.
.
.
.
.
.
لحد هنا و الموضوع انتهى ,
و >> حقوق النشر للجميع <<
لكن لمن يريد الاستزادة :
أترككم مع خاطرة من صيد الخاطر لابن الجوزي التي استقيت منها هذا الكلام :
ليس في التكاليف أصعب من الصبر على القضاء ،
و لا فيه أفضل من الرضى به .
فمن ذلك أنك إذا رأيت مغموراً بالدنيا قد سالت له أوديتها حتى لا يدري ما يصنع بالمال ،
ثم يرى خلقاً من أهل الدين ، و طلاب العلم ، مغمورين بالفقر و البلاء ،
مقهورين تحت ولاية ذلك الظالم .
فحينئذ يجد الشيطان طريقاً للوسواس ، و يبتدئ بالقدح في حكمة القدر .
فيحتاج المؤمن إلى الصبر على ما يلقى من الضر في الدنيا ، و على جدال إبليس في ذلك .
و كذلك في تسليط الكفار على المسلمين ،
و الفساق على أهل الدين .
و أبلغ من هذا إيلام الحيوان ،
و تعذيب الأطفال ،
ففي مثل هذه المواطن يتمحض الإيمان و مما يقوي الصبر على الحالتين النقل و العقل .
أما النقل فالقرآن و السُنّة ،
أما القرآن فمنقسم إلى قسمين :
أحدهما : بيان سبب إعطاء الكافر و العاصي ،
فمن ذلك قوله تعالى : ( إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً ) .
( و لولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ).
( و إذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها ) .
و في القرآن من هذا كثير .
و القسم الثاني : ابتلاء المؤمن بما يلقى
كقوله تعالى : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ).
( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة و لما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء و الضراء و زلزلوا ) .
( أم حسبتم أن تُتركوا و لمّا يعلم الله الذين جاهدوا منكم ).
و في القرآن من هذا كثير .
و أما السُنّة فمنقسمة إلى قولٍ و حال .
أما الحال : فإنه صلى الله عليه و سلم كان يتقلب على رمال حصير تؤثر في جنبه ،
فبكى عمر رضي الله عنه , و قال : كسرى و قيصر في الحرير و الديباج ،
فقال له صلى الله عليه و سلم : " أفي شك أنت يا عمر ؟ ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة و لهم الدنيا " .
أما القول فقوله عليه الصلاة و السلام :
" لو أن الدنيا تساوي عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء " .
و أما العقل : فإنه يقوِّي عساكر الصبر بجنودٍ منها :
أن يقول : قد ثبت عندي الأدلة القاطعة على حكمة المُقدِّر . .
فلا أترك الأصل الثابت لما يظنه الجاهل خللا .
و منها أن يقول :
أليس قد ثبت أن الحق سبحانه مالك ،
و للمالك أن يتصرف كيف يشاء ؟
أليس قد ثبت أنه حكيم و الحكيم لا يعبث ؟
وأنا أعلم أن في نفسك من هذه الكلمة شيئاً ،
فإنه قد سمعنا عن جالينوس أنه قال : ما أدري ؟ أحكيم هو أم لا .
و السبب في قوله هذا ، أنه رأى نقضاً بعد إحكام ،
فقاس الحال على أحوال الخلق ،
و هو أن من بنى ثم نقض لا لمعنىً فليس بحكيم .
و جوابه أن يُقال :
بـماذا بان لك أن النقص - من موت و مرض الأطفال و غيرها - ليس بحكمة ؟
أليس بعقلك الذي وهبه الصانع لك ؟
و كيف يهب لك الذهن الكامل و يفوت هو الكمال ؟
- يعني ما تفكرش إنك وصلت بعقلك لنتيجة مفادها أن ما يحدث هذا شر و ليس لحكمة ,
لأن عقلك اللي وصل بيك للنتيجة دي هو من عند الله عز و جل ,
فإزاي ربنا يعطيك العقل اللي تعرف بيه الخير من الشر , و يفوت عز و جل فعل الخير , ؟؟
يعني أكيد الشر اللي انت شايفه ليه حكمة من وراه , و ليه عاقبة حسنة -
و هذه هي المحنة التي جرت لإبليس .
فإنه أخذ يعيب الحكمة بعقله ،
فلو تفكر على أنَّ واهب العقل أعلى من العقل،
و أن حكمته أوْفَى من كل حكيم ،
لأنه بحكمته التامة أنشأ العقول .
فهذا إذا تأمله المرء زال عنه الشك .
و قد أشار سبحانه إلى نحو هذا في قوله تعالى : ( أم له البنات و لكم البنون ).
أي أَجَعَل لنفسه الناقصات و أعطاكم الكاملين ؟
فلم يبق إلا أن نضيف العجز عن فهم ما يجري إلى أنفسنا .
و نقول هذا فعل عالمٍ حكيمٍ و لكن ما يَبِينُ لنا معناه .
فما المانع أن يكون فِعْل الحق سبحانه له باطنٌ لا نعلمه ؟
و لو لم يكن في الابتلاء بما تنكره الطباع إلا أن يقصد إذعان العقل و تسليمه لكفي .
.
.
.
.
.
و أزيدها بسطاً فأقول :
أترى إذا أُريد اتخاذ شهداء ،
فكيف لا يخلق أقوام يبسطون أيديهم لقتل المؤمنين ،
أفيجوز أن يفتك بعمر إلا مثل أبي لؤلؤة ؟
و بعليّ مثل ابن ملجم ؟؟
أفيصح أن يقتل يحيى بن زكريا إلا جبار كافر ؟
- يعني كمثال على اللي ذكره , لو ربنا عاوز يدخل ناس الجنة و يخليهم شهداء ,
مش لازم يخلق ليهم شر , و ناس شرانيين تقتلهم ؟؟
مع إن ظاهر القتل إنه شر , لكن العاقبة منه و هي الشهادة هي خير -
و لو أن عين الفهم زال عنها غشاء العشا ،
لرأيت المسبب لا الأسباب ،
و المُقَدِّر لا الأقدار ،
فصبرت على بلائه إيثاراً لما يريد ،
و من ههنا ينشأ الرضى .
.........
ابن الجوزي - صيد الخاطر .. بتصرف
......................
و لا تنسونا من دعوة صالحة بظهر الغيب
أن يهدينا الله و يتوب علينا و يوفقنا لما يحب و يرضى و يُصلح لنا شأننا كله
جزاكم الله خيرا
.........................